تقرير المرحلة الأولى لمشروع *المبادرة المواطنية* تحت شعار الشباب يبادر -
نحو حل المجالس البلدية المنتخبة : هل انتهى مشروع اللامركزية في تونس
نحو حل المجالس البلدية المنتخبة : هل انتهى مشروع اللامركزية في تونس
صرح رئيس الجمهورية خلال إفتتاحه لمجلس الوزراء الموافق لـ 8 مارس 2023 عزمه على إصدار مرسوم يقضي بحل جميع المجالس البلدية و تعوضها تبعا لذلك بنيابات خصوصية معينة .
يأتي هذا التصريح بعد أخذ و رد من السلطة المركزية في علاقتها بالبلديات ، حيث تواترت في المدة الأخيرة عديد المشاكل في علاقة برؤساء البلديات على غرار مرسوم رئاسة الجمهورية في نوفمبر 2022 يقضي بإيقاف رئيس بلدية بنزرت عن النشاط و أخرى مع مجالس بأكملها على غرار قرار وزير الداخلية يقضي بإيقاف المجلس البلدي لبلدية قربة من ولاية نابل عن النشاط في سبتمبر 2022 وبالتالي يتواصل طرح السؤال : هل أغلق قوس اللامركزية في تونس
السلطة اللامركزية من وجهة نظر دستور 2014 مقارنة بدستور 2022 .
من خلال قراءة لأحكام دستور 2022 في علاقته بدستور 2014 يظهر جليا بأن رئيس الجمهورية و السلطة السياسية لما بعد 25 جويلية 2021 لم تكن موافقة على المسار الذي تم اتخاذه في ظل دستور 2014 أين تم تخصيص باب كامل و هو الباب السابع الذي يحمل عنوان " السلطة المحلية " و اقتضى الفصل 131 على تعريفها بكونها تقوم على أساس اللامركزية و التي تتجسد في جماعات محلية، تتكون من بلديات وجهات وأقاليم .
كما تم تدعيم مسار اللامركزية كسلطة قائمة الذات بالتوازي مع السلطة المركزية من خلال الفصل 132 - أين أقر دستور 2014 صراحة بتمتع الجماعات المحلية بالشخصية القانونية، وبالاستقلالية الإدارية والمالية، وإدارة المصالح المحلية وفقا لمبدأ التدبير الحر ..
ثم جاء دستور 2022 بتصور جديد يمكن القول بأنه يقطع مع التصور الذي كان وذلك من خلال اختياره في الباب السادس – كلمة الجماعات المحلية والجهويّة - عوضا عن كلمة سلطة ، و اقتصر في تعريفه بالجماعات المحلية على فصل وحيد و هو الفصل 138 أين أقر أنه " تمــارس المجالس البلدية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم والهياكل التي يمنحها القانون صفة الجماعة المحليّة المصالح المحليـــّة والجهويّة حسب ما يضبطه القانون. " .
غياب التقييم الفعلي لمسار اللامركزية :
للأسف لم تحظى فكرة اللامركزية من عدمها في تونس بنقاش مجتمعي واسع على أهميتها و ذلك نظرا للدور الذي تلعبه البلديات ليس فقط كآلية قرب للمواطن و السهر على تأمين احتياجاته اليومية و إنما كذلك لما لها من أبعاد اجتماعية مهمة من شأنه تنمية ثقافة المواطنة لدى عموم الشعب التونسي نظرا للإحتكاك المباشر و اليومي للمواطن مع مصالح البلدية ، كما أنه لم يقع الوقوف بشكل كبير على أسباب فشل هذا المسار و إستخلاص الدروس ضمانا للإنتقال نحو نظام يكون أكثر نجاعة .
مجلس الجهات و الأقاليم : هل يعوض مسار اللامركزية في تونس
جاء دستور 2022 بتصور جديد للسلطة التشريعية يكون فيه لما يسمى بمجلس الجهات و الأقاليم دور أساسي الى جانب مجلس نواب الشعب ، و لئن لم يعرفه دستور 2022 إلا أنه بين تركيبته حيث يتكون كما جاء في الفصل 81 من نواب منتخبين عن الجهات والأقاليم .
** يأتي هذا في سياق عبر فيه رئيس الجمهورية في مجلس الوزراء الأخير عن نيته حل المجالس البلدية كذلك عزمه النظر صحبة فريقه الوزاري في مشروع القانون المتعلق بمجلس الجهات و الأقاليم. و في إنتظار صدور القانون المتعلق بمجلس الجهات و الأقاليم، يطرح السؤال في علاقة بهذا المجلس: هل هو نظام آخر بديل لللامركزية التي جاء بها دستور 2014