بيان بشأن شبهات تعذيب السجين ريان الخلفي وضرورة تفعيل آليات الرقابة المستقلة


📃بيان بشأن شبهات تعذيب السجين ريان الخلفي وضرورة تفعيل آليات الرقابة المستقلة
📍تونس، 4 ماي 2025
نحن، جمعية المساءلة الاجتماعية، نتابع ببالغ القلق ما ورد في شهادة محامية بتاريخ الجمعة 2 ماي 2025 حول الحالة الجسدية والنفسية الحرجة التي وُجد عليها السجين الشاب ريان الخلفي، البالغ من العمر 19 سنة، والمودع بالسجن المدني ببنزرت منذ ثلاثة أسابيع على خلفية قضية تتعلق باستهلاك مادة مخدّرة.
🖋️وقد تضمنت هذه الشهادة، التي نُشرت بطلب من عائلته، معاينة مباشرة لآثار عنف جسدي متمثلة في كدمات وحروق، إلى جانب اضطرابات نفسية وسلوكية شديدة، وامتناع الضحية عن التصريح بهوية المعتدين أثناء وجود عون سجون، ما يُعزز وجود مؤشرات أولية على شبهة تعذيب وسوء معاملة داخل المؤسسة السجنية.
وفي المقابل، أصدرت وزارة العدل في ذات الليلة بلاغًا رسميًا نفت فيه صحة هذه المعطيات، مشيرة إلى أن النيابة العمومية أذنت بإخراج السجين لمعاينته مساء نفس اليوم، دون ملاحظة آثار عنف على جسده. كما تم الإعلان عن مباشرة إجراءات تفقد إداري داخلي، والطعن في مصداقية الصورة المتداولة، مع التلويح باتخاذ إجراءات قانونية ضد ناشري "الادعاءات المغلوطة".
وإذ نُسجّل هذا التفاعل، فإننا ندعو في هذا السياق إلى تفادي تضارب المعطيات والتصريحات بين مختلف الأطراف الرسمية والمهنية، وتجنب التسرع في إصدار المواقف أو البلاغات قبل استكمال التثبت الموضوعي من الوقائع، لما لذلك من أثر سلبي على ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة، وعلى مسار العدالة ذاته.
1️⃣أولًا – شكوك مشروعة حول توقيت الإجراء وشكله
إن إخراج السجين ليلاً، وفي غضون وقت وجيز بعد نشر التدوينة، يُثير تساؤلات مشروعة حول مدى احترام الإجراءات القانونية السليمة، خاصة فيما يتعلق بوجود إذن قانوني، تأمين النقل، وفتح مقر المحكمة ليلاً. كما نسجّل بقلق غياب طبيب شرعي أو خبير نفسي خلال المعاينة، وعدم إشراك المحامية صاحبة التبليغ في الإجراء، ما يُضعف من شفافيته وحياده.
2️⃣ثانيًا – ضرورة تمكين الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب من ممارسة صلاحياتها
نُذكّر أن الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب، المحدثة بموجب القانون الأساسي عدد 43 لسنة 2013، تُعد الهيكل الوطني المستقل المسؤول عن الوقاية من التعذيب ومراقبة أماكن الاحتجاز. وينص:
الفصل 13 من القانون على أن للهيئة حقّ القيام بزيارات فجئية ودورية دون سابق إعلام وفي أي وقت إلى أماكن الإيقاف.
الفصل 14 يُلزم جميع السلطات بتمكين الهيئة من النفاذ الكامل إلى الأشخاص والمعلومات والسجلات، دون عوائق أو قيود.
بناءً عليه، نؤكد أن الجهة الوحيدة التي يمكن أن تُحقق في هذه الشبهات بشكل مستقل ومحايد هي الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب، ونطالب بتمكينها من ممارسة دورها دون تعطيل أو تدخل.
3️⃣ثالثًا – رفض كل محاولات إسكات المبلّغين أو تهديدهم
نعبّر عن استنكارنا الشديد للغة التهديد التي تضمنها بلاغ وزارة العدل ضد من قام بالتبليغ عن الانتهاك، ونعتبرها تهديدًا غير مباشر للمحامية ولعائلة السجين. إن التبليغ عن شبهة تعذيب هو حق وواجب قانوني ولا يمكن تجريمه أو محاصرته سياسيًا أو إعلاميًا.
نذكّر بأن حماية المبلّغين والمبلغ عنهم تُعد من ضمانات النزاهة القضائية، وأن أي تتبع يستهدف محامين أو نشطاء حقوقيين في مثل هذه الحالات يُعد انحرافًا خطيرًا عن مسار العدالة.
4️⃣رابعًا – مطالب عاجلة لضمان الحق في الكرامة وعدم الإفلات من العقاب
نطالب السلطات التونسية، القضائية والإدارية، بما يلي:
✅تمكين الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب من فتح تحقيق ميداني شامل ومستقل، تشرف عليه مباشرةً، يشمل زيارة السجين ريان الخلفي، إجراء المعاينات الجسدية والنفسية، الاستماع له دون رقابة، والاطلاع الكامل على ظروف الإيقاف وكل الوثائق ذات الصلة.
✅تعيين فريق طبي وحقوقي مستقل بالتنسيق مع الهيئة لإعداد تقرير مفصل حول وضعية السجين الجسدية والنفسية، يُنشر للرأي العام، ويوضع على ذمة الجهات القضائية المختصة.
✅ضمان الحماية الكاملة للمبلّغين في هذه القضية، وخاصة المحامية صاحبة التبليغ، من أي تتبع إداري أو قضائي تعسفي.
✅اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لمحاسبة أي مسؤول يتبيّن تورّطه، إداريًا أو جزائيًا، في حالة ثبوت وقوع تجاوزات.
إن احترام كرامة الإنسان لا يتوقف عند أسوار السجن، بل يبدأ منها.
وإن بناء دولة قانون لا يتم عبر نفي الانتهاكات، بل عبر الاعتراف بها، والتحقيق فيها، ومحاسبة المسؤولين عنها.
الهيئات الدستورية المستقلة ليست أدوات تجميل، بل آليات حقيقية للمساءلة.
والمحاماة ليست جريمة، بل واجب في الدفاع عن المظلوم.
📌وتؤكد جمعية المساءلة الاجتماعية أن هذا البيان يندرج ضمن دورها المدني والحقوقي في رصد الانتهاكات والدعوة لاحترام القانون، دون استهداف أو تشهير بأي جهة، ومع الاحترام الكامل لمؤسسات الدولة ومبدأ قرينة البراءة.

اشترك في النشرة الإخبارية

انضم إلى النشرة الإخبارية لدينا واحصل على التحديثات في صندوق البريد الخاص بك. لن نرسل إليك بريدًا عشوائيًا ونحترم خصوصيتك