رئيس بلدية منتخب من مهامه، تطبيق للقانون, أم تدرج في إنهاء مسار اللامركزية شنية الحكاية ؟


يوم الخميس الفارط 28 نوفمبر 2022 صدر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية أمر عدد 916 لسنة 2022 مؤرخ في 28 نوفمبر 2022 يتعلق بإعفاء رئيس بلدية بنزرت " كمال بن عمارة " من ولاية بنزرت من مهامه، وذلك باقتراح من وزير الداخلية

لم يتطرق قرار الإعفاء على أي تعليل و إنما إكتفى بتوجيه تهمة إرتكاب أخطاء جسيمة تنطوي على مخالفة القانون و الإضرار بالمصلحة العامة 

ما يهمنا في هذا القرار هو خرق للشكليات القانونية المنصوص عليها في  مجلة الجماعات المحلية 

و ذلك بالنظر لإكتساب المجلس البلدي لشرعية إنتخابية خاصة وأن الفصل 200 من مجلة الجماعات المحلية ، عرف البلدية على كونها : جماعة محلية تتمتع بالشخصية القانونية وبالاستقلالية الإدارية والمالية تتولى التصرف في الشؤون البلدية وفقا لمبدأ التدبير الحر وتعمل على تنمية المنطقة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وبيئيا وحضريا وإسداء الخدمات لمنظوريها والإصغاء لمشاغل متساكنيها وتشريكهم في تصريف الشأن المحل

كما أن رئيس المجلس منتخب كذلك من طرف أعضاء المجلس البلدي وفقا للفصل 203 من مجلة الجماعات المحلية الذي ينص في فقرته الأولى: يسيّر البلدية مجلس بلدي منتخب طبقا للقانون الانتخابي

من نفس الفصل " ينتخب المجلس البلدي في أول اجتماع له من بين أعضائه رئيسا ومساعدين "كما جاء في الفقرة الثانية

و حيث و إن نص القانون على إمكانية تدخل سلطة الإشراف ، إلا أن هذه الإمكانية تهم حل المجلس برمته و ذلك في حالات إستثنائية ، حددتها مجلة الجماعات المحلية بشروط تتعلق بإخلال خطير بالقانون او بتعطيل واضح لمصالح المتساكنين 

ولئن اعتمدت سلطة الإشراف هذه الحجج في الأمر عدد 916، إلا أن قرارها يهم رئيس المجلس البلدي دون سواه ، مما يجعلنا نتساءل عن خلفيات هذا القرار. كما أننا لا نجد تقيدا بالإجراءات الواردة في الفصل 204 الذي يقتضي استشارة المجلس الأعلى للجماعات المحلية " الغير موجود حتى الأن و بناء على رأي المحكمة الإدارية العليا

خلف هذا القرار ردود فعل مختلفة أبرزها التي جاءت من طرف الإتحاد العام التونسي للشغل من خلال الجامعة العامة للبلديين التي اعتبرت في بيان أصدرته أن قرار إعفاء رئيس بلدية بنزرت من مهامه يُعد سابقة خطيرة 

بالنظر الى تواتر قرارات سلطة الإشراف تجاه مختلف البلديات يظهر جليا بأن هناك توتر، و بالتالي نتساءل عن مصير البلديات في تونس و من خلفها مسار اللامركزية الذي وقع إرساءه في ضل دستور 2014 ، و هل أن تصور السلطة بعد 25 جويلية 2021 سائر في مراجعة هذا التوجه تدريجيا ، أم أن مجلس الجهات و الأقاليم سيكون هو البديل للتصور اللامركزي في دستور 2014 


اشترك في النشرة الإخبارية

انضم إلى النشرة الإخبارية لدينا واحصل على التحديثات في صندوق البريد الخاص بك. لن نرسل إليك بريدًا عشوائيًا ونحترم خصوصيتك