_القانون الإنتخابي : قانون يشجع على العزوف و يضع الشباب و النساء خارج الفعل السياسي


القانون الإنتخابي : قانون يشجع على العزوف و يضع الشباب و النساء خارج الفعل السياسي .
 
 
يوم 15 سبتمبر 2022 صدر بالرائد الرسمي المرسوم عدد 55 المتعلق بالإنتخابات و الإستفتاء ، المرسوم هذا جاء لينقح القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 و المتعلق بالإنتخابات . 
المرسوم الي أصدروا رئيس الجمهورية خلف عديد ردود الفعل حتى قبل ما يهبط ، خاصة و أن دستور 2022 و بالتوجه الرئاسوي الواضح الي ركزوا ، عديد الأكادميين و الحقوقيين  تحدثوا بكون مجلس النواب القادم سيكون عبارة عن واجهة لا أكثر ، بإعتبار صلاحياته المحدودة جدا مقارنة بصلاحيات رئيس الجمهورية " التشريعية حتى بإعتبار أن الفصل 68 يعطي لمشاريع رئيس الجمهورية أولويّة النّظر و كذلك الفصل 73 الي يعطي الحق  لرئيس الجمهورية أن يتخذ خلال عطلة المجلس بعد إعلام اللجنة القارة المختصة مراسيم يقع عرضها على مصادقة مجلس نواب الشعب وذلك في الدورة العادية الموالية للعطلة.. " . 
هذه الفكرة الرئيسية ، لكن كذلك ، و بصدور المرسوم زادت كثرت الإنتقادات على محتواه و التوجهات الي فرضها . 
هات نشوفوا شنية أبرز النقاط الي جاء بها المرسوم عدد 55 المتعلق بالإنتخابات و نحاولو نوضحوا شنية الإشكاليات الي تنجم تترتب عنه ؟ 
 
 - رحلة البحث عن التزكيات 
 
أبرزنقطة خلفت ردود فعل واسعة هي النقطة الأخيرة من الفصل 21 الذي إشترط إلى جانب موجز للبرنامج الإنتخابي ، قائمة اسميّة تضمّ أربعمائة تزكية من النّاخبين المسجّلين في الدّائرة الانتخابيّة معرّف عليها بإمضاء المزكّين لدى ضابط الحالة المدنيّة أو لدى الهيئة الفرعيّة للانتخابات المختصّة ترابيّا . 
قبل أن نتحدث عن شرط التزكيات المعرفة بالإمضاء ، نسوق الملاحظة التالية ، إن إعداد البرامج الإنتخابية هو بالضرورة عمل جماعي ، ينم عن تصرو مشترك بعد أخذ و رد في النقاشات و الرؤى ، و لا يمكن لأي فرد مهما كانت مؤهلاتة الفكرية و الثقافية و مهما إنخرط في العمق المجتمعي أن يقوم بتصور شامل للمشاكل المحيطة به و لجهته  ، لذا فإن فكرة البرنامج الإنتخابي في قانون يشرع للإنتخاب عن الأفراد ليس له أي معنى ، حيث أن الأحزاب و الجمعيات و غيرها بإعتبارها قبل كل شي إطار للصراع و المناقشة الجماعية هي من تبلور لنفسها برامج . 
بالتالي فإن النص هنا يناقض نفسه ، حيث يهمش من جهة الأحزاب بإعتماده نظام الإقتراع عن الأفراد و من جهة ثانية يعتمد كشرط أساسي و جوهري تقديم برنامج إنتخابي . 
 
 
الفكرة الي إستند عليها داعمي الرئيس ، هي كون الشخص الذي ينوي التقدم للترشح في دائرته و إن كان متأكدا من شعبيته فلن تعوزه 400 تزكية و أي شخص و لضمان جدية الترشح ان يتقدم ببرنامج لإقناع الناخبيين . 
فكرة تبدو جيدة في ظاهرها ، لكن المشكل لوجستي هنا قبل كل شي ، لكلنا نعرفوا أمور بلدياتنا و حالتها المتعبة ، حيث شرط ال 400 تزكية معرفة بالإمضاء هو ضرب من الإجحاف و بلغتنا " نضيق عليك الخناق قبل ما توصلي "  تزداد هنا الأمور تعقيدا كي نكملو نقراو الفصل و الي يشترط انو ال400 المزكيين للشخص الي باش يتقدم للإنتخابات لازم يكون نصفهم إناث و نصفهم الأخر ذكور و لازم زادة  25 % منهم من الشباب يكون عمرهم أقل من 35 سنة .
 
الإنتخاب على الأفراد مدخل للولاءات على حساب الكفاءات . 
يقدم الرئيس و أنصاره نقدهم لنظام القائمات و التي يعتبرونها مدخلا لترذيل المشهد السياسي أولا و مصادرة لحق الإختيار بإعتبارها تقرض على الناخب أشخاصا لا يرغب بهم لذلك يرون بان الحل هو الإقتراع على الأفراد . 
تطغى النزعة القانونية البحة على الرئيس بإعتباره و قبل كل شي أكاديمي و جامعي ، جاء من وسط محافظ للغاية "ليس بالمعنى الديني ، إنما الفكري ، فالجامعة التونسية خاصة شعبة القانون تعتبر محافظة للغاية بإعتبارها نزعتها الشكلانية و عدم خوضهم في مسائل التركيبة المجتمعية للتونسيين "
  حيث لا نعلم أن كان لهذا التوجة خلفية و أنها مجرد سهو لهذا المعطى ، حيث أن المجتمع التونسي مجتمع أبوي ولائي بإمتياز ، مازالت تطغى عليه النزعة القبلية و العشائرية ، و حتى الجهوية ، و بالتالي فإن إختيار نظام الإقتراع عن الأفراد في دوائر إنتخابية ضيقة " معتمديات " من شأنه أن يكون مدخلا لرجوع الولاءات و الروابط القبلية على حساب المعطى المواطني . 
الإنتخاب على الأفراد : إقصاء للشباب و النساء 
في ضل القانون الإنتخابي لسنة 2014 كان النظام الإنتخابي يقوم على فكرة القائمات ، مع شرط التناصف بين النساء و الرجال ضمن القائمة الواحدة ، هذا النظام خلف على مستوى الممارسة أخطاء لا يمكن نكرانها ، حيث سارعت عديد الأطراف الى تزيين القائمات بمترشحات و مترشحيين فقط لضمان شرط التناصف ، بما أدي فيما بعد الى ترذيل العمل السياسي ، لأن النية من الأول لم تكن مبنية فعلا على التناصف . 
لكن ، و رغم النقائص ، نعتقد بأن نظام القائمات ، يبقى أفضل من نظام الإقتراع على الأفراد ، خاصة في المجتمع التونسي ، حيث كما ذكرنا ، فإن مظاهر النظام الأبوي و العروشي  لا تزال قائمة في تونس ، و بالتالي فإن الفكرة الأساسية هنا ، هو أن التقدم لإنتخابات " إذا إفترضنا خلوها من البيع و الشراء " ستكون حكرا على أصحاب النفوذ في الجهات و المعتمديات ، و هنا يطرح السؤال : من هم أصحاب النفوذ ؟ لا نقصد هنا من يمتلك السلطة ، بل نقصد من الفاعلين الأكثر نفوذا ، هم كبار العائلات في كل منطقة ، من يمتلكون المال ، من يعمل في الإقتصاد الموازي و يشغلون في الناس معهم ، كبار ملاكي الأراضي الفلاحية في الشمال الغربي مثلا  "  و أغلب هؤلاء من الذكور و الرجال الذين تجاوزوا ال 40 سنة ، و بالتالي فإن حظوظ الشباب و النساء ستكون ضئيلة لا فقط جراء الشروط المجحفة التي إشترطها القانون ، بل كذلك للتناغم الذي يمكن أن يحصل بين تصور الإنتخاب على الأفراد و المعطي  المجتمعي االذي بنيناه . 
 
 


اشترك في النشرة الإخبارية

انضم إلى النشرة الإخبارية لدينا واحصل على التحديثات في صندوق البريد الخاص بك. لن نرسل إليك بريدًا عشوائيًا ونحترم خصوصيتك